عيدكم مبارك
بقلم: فاطمة المصري

ها نحن نودع شهر البركات، قدم فيه كل منا أعمالا خالصة بين يدي ربه، موجها قلبه نحوه رجاء في رحمته وطلبا لمرضاته، ونيل العتق الموعود؛ وهنا تكمن حكمة الباري بخلقه؛ فقد جعل لنا شهر رحمة، بستان بركة نزرعه في هذه الدار تقىً، ونحصد ثماره في الدار الآخرة عفوا، يدعونا أن اعملوا فسأرى عملكم، وأـنا الذي أجزيكم به، وأن هذه هي أسباب الجنان فأقبلوا عبادي ولا تولوا. هو البر الذي لا ينكر عمل عباده، بل يزكيهم، ويطهرهم، ويتقبل منهم، ويؤتي نفوسهم تقواها، ويفرح بهم، ويجزيهم بصبرهم على الطاعات، بشائر الصابرين في إجابة الدعوات، وتحقيق الأمنيات، وتبليغ أعلى الدرجات.
الغاية الربانية في رمضان هي عملية التطهير السنوية؛ تحدث تنقية الدم من العوامل المؤكسدة الضارة للجسد، وكذلك تجري للقلوب عملية تنقية وتبيض من الرّان، أن يا نفس قد أذنبنا في حق الله، وفي حقك، ـوفي حقوق الآخرين، نستشعر رحمات الله علينا فنرحم، نرفق فنقبل الآخرين وأنفسنا على ما نحن وهم عليه، نغفر فنتجاوز عن الزلّات والهفوات، والأخطاء، ونعفو فنحرر القلوب من ضغائنها، ونهب أرواحنا السلامة فنبعث السلام لمن حولنا.
تلك هي منابع فرحنا بيوم فطرنا؛ تبيض الوجوه بالجزاء المرجو، والذي يعيده الله عطاياه لنا عاما بعد الآخر، زيادة في الطاعات والقربات واستقبال الهبات. ونقتدي بالهدى الإلهي، نستقي من نور رحماني ينير القلوب ويضيء أرواح المتحابين المتسامحين، المتصالحين، يتهادون التبريكات بهذه الرحمات، أفرادا وجماعات، شعوبا وبلدانا.
"قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". يونس 58