في يوم المرأة

 " في يوم المرأة "  

 

   بقلم فاطمة المصري 

 

  تكرّم المرأة  على الدوام، ليس فقط في يوم عالمي تتوجه الإنسانية بتكريمها فيه؛ فتكريمها واجب في كل ّالأوقات؛ فالإنسان العاقل، المؤمن يعلم أنها مخلوقة من الله مع الرجل، هما الاثنان معا، وجعل منهما الله الشعوب والقبائل للتعارف، وجعل ميزان الحكم بين العالمين هو التقوى.

وجعل التكليف ووعد بالجزاء الأوفى لكليهما معا:" من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون". النحل 97 وكذلك:" فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى". ال عمران 159

فالمرأة مكرمة من خالقها؛ رفع الله ذكرها بالتكريم في كتابه العزيز بكل الخير في مواضع عديدة علّم البشرية أهمية دورها، فالله إما يوصي بها خيرا، ويعطيها حقها في الحياة بكرامة؛ فها هو يخاطب ضمير الرجل في الجاهلية برسالة إلهية رقيقة بتأنيبه عندما كان يتطير بولادة الأنثى عندما سأله: " وإذا المؤدة سئلت بأي ذنب قتلت"؟ ويعلمه أن الأصل أن يكون مولدها بشارة وتفاؤل:" إذا بّشر أحدهم بالأنثى". النحل 58 ذلك أن الله جعلها رمزا للخير والأمل، وكرّمها واستودع في رحمها نسل البشرية، وحمّلها مسؤولية الحمل والولادة كرامة لها، ودلالة على صبرها والقوة التي وضعها الله بها، وحسن الاعتمادية، والثقة بقدرتها على صون أمانة خلقه في رحمها، وتغذيته وتربيته وحسن رعايته. كما وصّى بالإحسان إليها كأم مع زوجها الأب، وجعل الإحسان إليهما مقرونا برضاه: "ووصيانا الإنسان بوالديه حسنا". العنكبوت 8، وأعطاها حقها في الميراث ومهور الزواج، ووصى الزوج بحسن معاملتها،" وعاشروهن بالمعروف" النساء19 فها هو نبي الرحمة يقول:" استوصوا بالنساء خيرا" ويقول:" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". أو يوصي بالرفق معها أن:" رفقا بالقوارير". لأنه يعلم هشاشة مشاعرها وأنها سهلة الانكسار لطبيعتها الرقيقة كما هي القوارير تنكسر سريعا.

 أو يضرب الله بالمرأة مثلا يحتذى به في مواقف عديدة تحتاج إلى قيادة في حسم الأمور وحسن التصرف، والحكمة في اتخاذ قرارات؛ كأم موسى، عندما ربط على قلبها لتضحي بابنها وتأخذ بجرأة وشجاعة قرار رمي ابنها في اليّم. وابنة عمران إذ أحسنت التوكل على الله ووهبت لله ما في بطنها محررا وهي أنثى وأقرت "ان الذكر ليس كالأنثى" فتكفلها الله برعايتها وأحسن إليها وجعلها أحسن نساء العالمين. وامرأة فرعون إذ ضربت مثلا يحتذى في الاستقلالية في الفكر، واتباع النهج السوي فكان زوجها طاغية لكنها كانت في حال من الايمان واليقين بالله. وها هي السيدة خديجة تضرب مثلا لنساء العالم في الانفتاح، إذ أنها كانت مديرة أعمال من الطراز الأول و قد علمتنا أن نضع ثقتنا بمن يحمل الأمانة عندما أوكلت أمر تجارتها لنبي الأمة الأمين، و هي رمز، وهي مثل يحتذى في العون فقد أعانت حبيبها و زوجها صلى الله عليه و سلم منذ أن عاد إليها خائفا بعد أن أكرمه الله بنزول الوحي و في كل مراحل نبوته إلى أن أمر الله بأخذ الأمانة و رفعها إلى جواره. وهذه هي السيدة عائشة تضرب لنا مثلا في المصداقية عندما أخذت دورا قياديا في أخطر الأمور وأهمها وهي رواية الحديث والتبليغ في أحد أهم مصادر التشريع وهي سنة النبي الكريم. وكذلك زوجات الرسول وأمهات المؤمنين إذ ضربن لنا أروع الأمثال في الإخلاص في رعاية الزوج، والولد، والعائلة، وفي الحكمة في تحديد الأهداف النبيلة والعزيمة في خدمة المجتمع، حتى ساحات القتال لم تخل من مشاركتهن، فقد كن مثلا يحتذى في تمثيل المرأة في العمل السياسي؛ في المشاركة في التصدق وجمع التبرعات لإعداد الجيش، ومداواة الجرحى سقاية الماء ومناولة الطعام حتى أنها كانت تباشر بالقتال جنبا إلى جنب دفاعا عن النبي والصحابة الكرام.

ونحن إذ نقر بدور المرأة وعظم المسؤولية التي وهبها الله لها في تمكينها وتوضيح أهمية دورها، كأم، وزوجة وابنة واخت، ووقوفها جنبا إلى جنب مع الرجل بحمل المسؤولية كل في موقعه:" بعضكم من بعض".

ونحن بدورنا نكمل المسيرة بدورنا بأن نكرم المرأة، وأن نوصيها بالتقوى التي جعلها الله مقياس التفاضل بين بنى البشر في كل المهمات الموكلة إليها لأداء حسن الاستخلاف في الأرض أينما كان موقعها وفي كل الأدوار التي تأخذها.

 

وحق وواجب علينا في هذا السياق أن نتذكر النساء المرابطات في غزة ونرفع لهن أسمى معاني التقدير في تحمل المعاناة، وضنك العيش، وألم الفقد، وجهد البلاء الذي يعيشونه. ونرفع أيدينا بالدعاء إلى الله أن يربط على قلوبهن بالصبر والسلوان، وأن يبشرهم بما يبشر به عباده الصابرين.

 

*********************************************